مبادرات العطاء المهني- زكاة العلم وخدمة المجتمع

المؤلف: ماجد قاروب07.31.2025
مبادرات العطاء المهني- زكاة العلم وخدمة المجتمع

إن البذل والعطاء لا يعرف حدودًا، والإبداع ليس وقفًا على أحد، فحب الوطن هو نبراسنا، ومحبة الخير هي جوهر عقيدتنا، وإعانة المحتاجين هي فضيلة راسخة في ديننا الحنيف، فما أعظمها من فرصة حين لا تتطلب منا جهدًا مضنيًا، أو مالًا طائلًا، أو وقتًا ثمينًا.

لو تفانى كل اختصاصي في تقديم مبادرات نابعة من صميم خبرته ومجال تخصصه، لعمّ الخير أرجاء المجتمع كافة، ولَما حُرم أي محتاج من الخدمات الضرورية، ولعلّ هذه المبادرات تكون بمثابة زكاة للمال أو للعلم الذي أنعم الله به علينا.

في حقل القانون، تتجلى العديد من المبادرات الفردية والجماعية الرائعة، وخير مثال على ذلك، قيام لجنة المحامين المنبثقة عن اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بالترافع مجانًا عن هذه الشريحة المهمة من المجتمع، كما أن العديد من مكاتب المحاماة أعلنت وتعلن باستمرار عن استعدادها لتقديم خدمات الترافع بالمجان للفئات المستحقة، وكذلك جمعية ساعي الخيرية، المتخصصة في تقديم العون القانوني المجاني للأيتام والأرامل والمساكين في المدينة المنورة، ولا يسعني هنا إلا أن أشيد بفخر واعتزاز بمبادرة تكامل للمعونة القضائية، التي تجمع بين التدريب والتأهيل والتطوع والمساعدة على التوظيف والاستدامة، حيث تسعى جاهدة لتدريب ألف شاب وفتاة من خريجي الشريعة والقانون بالمجان، وذلك من خلال برنامج تدريبي مكثف يمتد على مدار عام كامل بواقع 200 ساعة تدريبية، ليصبحوا على أهبة الاستعداد لتقديم ألف ساعة عمل تطوعي على مدار عشر سنوات، أي ما مجموعه مليون ساعة عمل تطوعي، تتجاوز قيمتها مليار ريال سعودي، موجهة لمساعدة الجمعيات الخيرية والأسر المتعففة وأصحاب الحقوق الذين تعيقهم ظروفهم المادية عن توكيل محام في القضايا الأسرية والعمالية، وجزيل الشكر والتقدير للشركاء والرعاة والداعمين والزملاء المحامين أعضاء تكامل (محامو المستقبل)، الذين استهلوا مسيرتهم المهنية بالتطوع القانوني النبيل.

ومما لا شك فيه أن العديد من الأطباء والمستشفيات والمهندسين، بل وسائر فئات المجتمع، يقدمون جزءًا من علمهم وخبراتهم مجانًا لبعض الفئات المحتاجة، ويطلق عليها الكثيرون اسم "زكاة المهنة"، بيد أنها تظل جهودًا فردية ومحدودة النطاق، وتستدعي الدعم والتفعيل والانتشار والعمل المؤسسي المنظم، واستقطاب شركاء النجاح لتعميم الفائدة وضمان استدامتها.

ولا بد من إيلاء الاهتمام بفئة الشباب، فهم عماد الوطن ومستقبله الزاهر في شتى المجالات، فرعايتهم وتمكينهم من خلال مبادرات مثل (مسك)، وحمايتهم من براثن المخدرات من خلال (نبراس) يمثلان ركيزتين أساسيتين، تمامًا كما هو الحال مع ملتقى المسؤولية الاجتماعية للشباب، الذي يربط الرياضيين والرياضة بالهيئة العامة للرياضة واللجنة الأولمبية والاتحادات والأندية الرياضية، بهدف تفعيل وتنشيط العمل التطوعي على نطاق واسع.

إننا بأمس الحاجة إلى هذه المبادرات القيمة في جميع المجالات المهنية والتعليمية والحرفية، لتشمل وتغطي احتياجات جميع الشرائح المجتمعية في وطننا الغالي، وأود أن أؤكد على الدور المحوري للإعلام في إبراز هذه المبادرات ومنحها الزخم الذي تستحقه، فهل سمعتم يومًا عن (الجمعية الخيرية للخدمات الهندسية)؟ مجرد سؤال يطرح نفسه.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة